وزير داخلية ألمانيا: الالتزام الدينى هو الحل
الأحد، 21 يونيو 2009 - 20:40
شويبلى ألقى محاضرة عن التعايش بين الأديان فى ألمانيا وأوروبا بجامعة القاهرة
كتب السيد خضرى
قال د.فولفجانج شويبلى وزير داخلية ألمانيا الاتحادى، إنه لم يمر وقت بعيد بعد على اعتقاد الكثير من العقول الأوربية بأن الأديان فى تراجع مستمر، وأن التقدم التقنى والعلمى المستمر أدى إلى تهميش الأديان، مشيراً إلى اعتقاد البعض بأن الأديان سوف تختفى كلية، بينما كان البعض يرى أن أهمية الأديان فى الحياة العامة سوف تتوارى لتقتصر بصورة متزايدة على الحياة الشخصية لبعض الأفراد.
وأضاف شويبلى خلال محاضرته عن التعايش بين الأديان فى ألمانيا وأوروبا التى ألقاها بجامعة القاهرة، أن الواقع أثبت خطأ مثل هذه التنبؤات، إذ تحولت الأديان فى مطلع القرن الحادى والعشرين وعلى الصعيد العالمى إلى محرك للبشر فى صميم أعماقهم، ويتبوأ موقع الصدارة فى شتى المناظرات الاجتماعية والسياسية الهامة، مشيراً إلى أن القناعات الدينية تسهم فى صياغة التطورات السياسية، وهو ما يشكل تحدياً بالنسبة للسياسة.
وقال شويبلى، إن التحديات الجسام التى يواجهها العالم فى القرن الحادى والعشرين وفقاً لشويبلى تكمن فى وجود خلل اقتصادى يتخذ أبعاداً درامية ويؤدى إلى سوء توزيع الثروة والرفاهية، كما أن النمو الاقتصادى يتسبب فى أحداث أضرار متفاقمة بالبيئة، لن تكون ظاهرة الاحتباس الحرارى آخرها ولا يمكن مواجهة تلك التحديات، إلا إذا أبدى الناس فى شتى بقاع الأرض استعدادهم لخدمة الصالح العام والتفانى فى ذلك، مضيفا: "أنا على قناعة بأن الالتزام الدينى سوف يضطلع بدور عظيم فى هذا الشأن".
واصفاً دين الدولة بأنه ليس دين أى مجتمع بأنه ليس دين الأغلبية، فحسب بل إن الأقليات الدينية كذلك تسهم إسهاماً هاماً فى خدمة الصالح العام، مضيفاً أن الأديان تقرب بين الناس، فالأديان تفرق بينهم كذلك، وعندما يتحدث البعض عن "حرب بين الحضارات"، فإنهم يقصدون عادة تلك التوترات بين التقاليد اليهودية - المسيحية والتقاليد الإسلامية، مشيراً إلى أنه لن يفيدنا أى تبادل الاتهامات بشأن الحروب الصليبية أو غزو شبه جزيرة ليبريا أو عصر الاستعمار، قائلاً: "علينا أن نعمل معاً على صياغة مستقبلنا المشترك".
وأشار إلى أن مقومات ثقافة الاحترام المتبادل تتمثل فى التخلى عن الرؤى أحادية الجانب لصالح التأكيد على القواسم المشتركة، مضيفاً هناك أصوات نافذة، سواء فى الغرب أو فى المنطقة العربية تساوى بين الغرب والحداثة وبين الإسلام والتقاليد، وتضع كلاهما كنقيضين غير متصالحين، واصفاً ذلك بسوء الفهم والتبسيط المخل بحقيقة الأشياء.
وأشار وزير الداخلية إلى أنه دعا فى عام 2006 لنقاش حول إشراك المسلمين بصورة شاملة قدر المستطاع فى الحياة الاجتماعية والعامة فى ألمانيا من خلال الدعوة لانعقاد المؤتمر الإسلامى الألمانى، مضيفاً أن الدستور الألمانى يكفل الفصل التام بين سلطة الكنيسة وسلطة الدولة ولا يوجد ارتباط بين الدولة وبين دين بعينه، وبالرغم من ذلك لم تشهد ألمانيا فى تاريخها فصلاً علمانياً تاماً بين كلا المجالين، مثلما هو الحال فى فرنسا.
الخبرات الألمانية وفقاً لشويبلى مطبوعة فى جوهرها بطابع الكنائس المسيحية، وهو ما جعله يقول: "فى ظل وجود 3 ملايين مسلم، فإنه من حقهم الحصول على ذات الحقوق، لأن دولتنا محايدة من الناحية العقدية، ولأنها تكفل الحرية الدينية"، ونظراً لاختلاف الإسلام بهياكله البنيوية عن الكنائس المسيحية أصبح الأمر ليس باليسير فى التعايش مع هذا الواقع الجديد.
وحول تدريس التربية الدينية الإسلامية فى المدارس العامة، فإن ألمانيا فى حاجة لمؤسسة خاصة لتأهيل مدرسى التربية الدينية، وهو ما يجعل الدولة فى حاجة للتكاتف مع الطوائف الدينية، والتوافق بشأن عمليات التأهيل ونظام الامتحانات وهيئة التدريس.
وأضاف، أن هناك الكثير ممن يرى أن الإسلام والديمقراطية نقيضان لا يجتمعان، وهؤلاء كما يرى وزير الداخلية الألمانى أفراد لهم تحفظات بشأن الإسلام، وفى ذات الوقت يجب عدم إغفال أن بعض المسلمين يرون نفس الرأى حتى لو كانوا أقلية، قائلاً: "بصفتى بروتستانتياً فإننى أعلم جيداً أن قبول الديمقراطية لم يرقً لكثير من المسيحيين عبر فترت طويلة من الزمن، وبعض البروتستنتيين فى ألمانيا لم يسلموا بقبول النظام الديمقراطى غير المشروط إلا بعد الحرب العالمية الثانية، ومن ثم فليس لدينا أى مبرر لأن نعظ الآخرين من منظور الاستعلاء".